السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفرق بين (( مَيْت و مَيِّت ))
ذكر علماء اللغة وجود فارق معنوي بين كلمة مَيْت - بتسكين الياء -
و كلمة مَيِّت - بكسر الياء و تشديدها -
حيث ذهبوا إلى :
أن المَيِّتُ فيراد منه الذي لم يَمُتْ الآن, ولكنه سيموت مستقبلا ؛
أما المَيْتُ هو الذي ماتَ فعلا ؛
فالأول كقوله تعالى : {انَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ. }
والثاني كقوله تعالى : { وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا }
وقوله تعالى : { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ}
وقول الشاعر :
وَتَسْأَلُـني تَفْسيرَ مَيـْتٍ وَمَيِّتٍ *** فَدونَكَ ذا التفسـيرُ إنْ كنتَ تَعْقِلُ
فَمَنْ كانَ ذا روحٍ فَذلِكَ مَـيِّتٌ *** وَما الـمَيْتُ إلاَّ مَنْ إلى القَبْرِ يُحْمَلُ
وقد ورد ذلك في اللسان والتاج.
وقال علماء آخرون أن مَيِّتٌ يصلح لِما قد ماتَ ولِما سَيَمُوت,
فقد أورد صاحب اللسان عن الزجاج " المَيْتُ المَيِّتُ بالتشديد إِلاَّ أَنه يخفف يقال مَيْتٌ ومَيِّتٌ والمعنى واحد."
وقد استشهد علماء اللغة في ذلك بقول الشاعر عِدىُّ بنُ الرَّعْلاءِ :
لَيْسَ منْ ماتَ فاسْتَراحَ بِمَيْت ... إِنّما المَيْتُ مَيِّتُ الأَحْياءِ
إِنَّما المَيْتُ من يَعِيشُ شَقِيّاً ... كاسِفاً بالُه قليلَ الرَّجاءِ
فأُنَاسٌ يُمَصَّصُون ثِماداً ... وأُناسٌ حُلُوقُهم في الماءِ
في البيتِ الأَوّل سَوّى الشاعر بينْهَمُا في المعنى.
وكذلك قول الشاعر :
أَلا يَا لَيْتَنِي والمَرْءُ مَيْتُ ... وما يُغْنِى عن الحَدَثانِ لَيْتُ
حيث جَعلَ المَيْتَ المُخَفَّفَ للحَيِّ الذي لم يَمُتْ.
وعلى هذا اختلف القراء في هذه اللفظة على مراتب :
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر عن عاصم لفظ « الميت » من غير تاء تأنيث مخففا في جميع القرآن ، وسواء وصف به الحيوان نحو : { تخرج الحي من الميت } أو الجماد نحو قوله تعالى : { إلى بلد ميت } [ فاطر : 9 ] { لبلد ميت } [ الأعراف : 57 ] منكرا أو معرفا كما تقدم ذكره >ًٍ>ًٍ >ًٍ>ًٍ >ًٍ>ًٍ إلا قوله تعالى : { إنك ميت وإنهم ميتون } [ الزمر : 30 ] ،
وقوله : { وما هو بميت } [ الآية : 17 ] في إبراهيم ،
مما لم يمت بعد فإن الكل ثقلوه ،
وكذلك لفظ « الميتة » في قوله : { وآية لهم الأرض الميتة } [ يس : 33 ] دون الميتة المذكورة مع الدم فإن تيك لم يشددها إلا بعض قراء الشواد ،
وقد تقدم ذكرها في البقرة ، وكذلك قوله : { وإن يكن ميتة } [ الأنعام : 139 ]
و { بلدة ميتا } [ الزخرف : 11 ]
و { إلا أن يكون ميتة } [ الأنعام : 145 ] فإنها مخففات عند الجميع .
وثقل نافع جميع ذلك ، والأخوان وحفص عن عاصم وافقوا ابن كثير ومن معه في الأنعام في قوله : { أو من كان ميتا فأحييناه } [ الآية : 122 ]
وفي الحجرات : { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا } [ الآية : 12 ] ،
و { الأرض الميتة } في يس ،
ووافقوا نافعا فيما عدا ذلك ، فجمعوا بين اللغتين إيذانا بأن كلا من القراءتين صحيح ،
وهما بمعنى ، لأن فيعل يجوز تخفيفه في المعتل بحذف إحدى يائيه فيقال : هين وهين ولين ولين وميت وميت ....
إذن فهذا اللفظ بالنسبة إلى قراءة السبعة ثلاثة أقسام :
قسم لا خلاف في تثقيله وهو ما لم يمت نحو { وما هو بميت } و { إنك ميت وإنهم ميتون } ،
وقسم لا خلاف في تخفيفه وهو ما تقدم في قوله : { الميتة والدم } و { إلا أن يكون ميتة }
وقوله : { وإن يكن ميتة } وقوله { فأنشرنا به بلدة ميتا }
و قسم فيه الخلاف وهو ما عدا ذلك وقد تقدم تفصيله